كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



التّطْهير

نجد في فهرس الكتاب المقدّس عدّة أعمدة للكلمات المختلفة المستعملة لهذا الموضوع بالذّات . إنّ الكلمات : قذر , دنس وتلويث وعكسها نظيف , نقي , طاهر وغسل , ليس ككلمتي الكفّارة والتّبرير , فهي مستعملة في الحياة اليوميّة , ورائجة على نطاق واسع . الفعل "katharizo " يشير الى التّنظيف , تنظيف من الأوساخ والألطاخ الحسيَّة ( مت 23 : 25 ) . أمّا في المفهوم الأخلاقي فتعني تطهير من أدران الخطيّة ( أع 15 : 9 ) وأيضاً من ذنب الخطيّة ( 1 يو 1 : 7 ) إنّها مستعملة أيضاً في السّياق اللاوي  بالإعلان عن طهارة أحدهم  ( مر 7 : 19 ؛ أع 10 : 15 ) ,  أو الإنتذار  بالتّطهير  ( عب 9 : 22 , 23 ؛ 10 : 2 ) .  الكلمة  المترجمة  "diakatharizo " , التّطهير الكامل مستعملة في ( مت 3 : 12 ) : "ﭐلَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى \لْمَخْزَنِ وَأَمَّا \لتِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». حيث تتضمّن إشارة للنّقاوة والقداسة , لأنّ هذا هو تأثيرها ونتيجتها .

التّطهير هو أحد أوجه عمل المسيح الفدائي المنبّر عنه بالرّسالة الى العبرانيين. ففي الأعداد الإفتتاحيّة الأولى نقرأ " بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا " وفي  ( 9 : 14 ) , نقرأ عن تطهير الضّمير " من أعمال ميّتة  " , ويقتبس الرّسول الكثير من نظام الذّبائح اللاوي بالعهد القديم . من الضّروري الإنتباه للإقتباسات والشّواهد لهذا الموضوع بالذّات في الكتاب .

إنّ الإصحاح الأساسي الّذي يعالج هذا مسالة التّطهير هو لاويين 16 . حيث مذكور فيه إرشادات عن يوم الغفران أو الكفّارة . التّطهير متعلّق ويتبع الكفّارة  بدونها لا يمكن أن يكون هناك تطهير . على مطاليب عرش الله أن تتم بالكامل والنّعمة تحكم من خلال البر . لقد تزكّت بوجب متطلّبات البر , فالنعمة قد تربّعت على العرش .نرى في سفر اللاويين 16 , وسفر العدد 19 النّصوص لعمل التّطهير من الدّنس , لمّا كانوا في البريّة لمدة 38 سنة . نرى هذين الطّقسين مرتبطين سويّاً في (  عب 9 : 13 ) . المرجع الى " دم ثيران وتيوس " هو ليوم الكفّارة , بينما  " رماد عجلة " فيرجع الى الوصيّة المهمّة الّتي تأسّست بعد قادش – برنيع , وهما مرتبطين سويّة في ( عب 10 : 19 – 22 ) , في القسم الأوّل العملي من الرّسالة .المرجع الى الدّم مرتبط مع لاويين 16 , عند رش الدم على عرش النّعمة , أمّا الآية " مرشوشة قلوبنا من ضمير شرّير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي " ترجع الى سفر العدد 19 .تكمّل هاتين الشريعتين أحدهما الآخر . من الممكن القول أنّ الثّانية إضافيّة للأولى . الواحدة تمثّل سبقيّأً الثّابتة , التّطهير الّذي لا يتكرّر ثانيةً بواسطة دم الكفّارة ( 1 يو 2 : 2 ) . التّمثيل سبقيّاً بالنّص للتّطهير من أدران الخطيّة بسبب التّواصل مع ذالك الفاسد – الفساد الّذي في العالم , بالشّهوة , أو فساد " الإنسان العتيق " على سبيل المثال ( 2 بط 1 : 4 ؛ أف 4 : 22 ) وجهة مزدوجة مماثلة نراها في الإرشادات المختصّة بيوم الكفّارة . فعلى مدى تقديم الذّبيحة لتطهيرهم , كان هناك إحتفال بالسّبت للرّاحة ومن أحزان النّفس , بأفكار وتوبة حقيقيّة ( مز 23 ؛ 15 ) أمّا الأعداد في عبرانيين فقد أُرجعًت الى إختصاص الطّقسين بتجربة المؤمن الحاضرة . من الجيد أن نتذكّر بأنّ كلا الطّقسين سيكون لهما تطبيق مستقبلي بما يتعلّق بالأمّة ( أش 53 ؛ حز 36 ؛ 37 ) , وفي لاويين 13 و 14 لدينا إصحاحين طويلين المختصّين بالبرص , أو بالأبرص وعزله والذّبيحة لتطهيره , مع المقارنة بتطهير النّذير الّذي سقط ( أو فشل بنذره ) . إسرائيل الّتي كانت مرّة الأمّة النّذيرة , أصبحت الآن متنجّسة وفاشلة وغير مقبولة  ولا بد أن تتوب . لقد رأى النّبي أشعياء نًفْسَهُ نجساً ( كالابرص – عزيّا الملك ) ورأى أنّ الأمّة قد تنجّست بالكامل . فصرخ في كربة الألم  " «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ \لشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ \لشَّفَتَيْنِ " ( أش 6 : 5 ) . لقد تمّ تطهيره بلمسة من الجّمرة عن المذبح ( أُنجِزَت الكفّارة لذلك أصبح طاهراً ) . الفقرات الّتي سبق واُعْتبرناها سابقاً , بتشديدها على الخطيّة بكونها نجاسة وسقوط , تشير أيضاً الى الضّرورة الحتميّة للتّطهير من وجهة نظر الله المقدّسة . وهذه تشير أيضاً الى أنّ " الله الغني في الرّحمة " قد أعدّ العدّة لمثل هذا العمل . هذا الإعداد الّذي سنحلّلهُ في الموجز التّالي :

1) التّطهير بالدّم

" دم يسوع المسيح يطهّرنا من كلّ خطيّة " ( 1 يو 1 : 7 ) . إنّ إستعمال الحاضر البسيط للفعل طهّر لا يعني تطهيراً مستمرّاً . إنّها جملة تقريريّة بالرّجوع الى قيمة التّطهير , أو قوّة دم يسوع , بالمقارنة مع ذبائح العهد القديم . لقد نزع الخطيّة ( عب 10 : 4 , 11 ) وطهّر الضّمير ( 9 : 14 ؛ 10 : 2 ) , الخيمة , وهي مثال السّماويّات , قد تطهّرت , ولكن  " السّماوات عينها "   قد تطهّرت بدم يسوع ( 9 : 23 ) .

2) التّطهير بالماء

دخلت العائلة الكهنوتيّة , باُنتذارها , تحت عمل طقسي لم يتكرر على الإطلاق . ولكن , وبأخذ خدمتهم بعين الإعتبار , كان ضروريّاً غسل أيديهم وأرجلهم في المرحضة باُستمرار ( خر 30 : 17 – 21 ) , العدد " ﭐلَّذِي قَدِ \غْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ " ( يو 13 : 10 ) هو تطبيق مبدأ التّطهير بالعهد الجديد .

3) التّطهير من النّجاسة

ماء النّجاسة ( عدد 19 : 13 ) . تتحوّل المحلّة , لمحلّة الموت , إذا وُجِدَ فيها جسد ميّت وبإستحالة تجنّبه . ذبيحة واحدة متوفّرة لكلّ حالة طارئة , لكلّ الفترة . رُشَّ الدّم سبع مرّات أمام الخيمة , أمّا الذّبيحة فحُرِقَت وأُلْقيَ بالنّار : الأرز , الزّوفا والقرمز , والّذين يمثّلون الطّبيعة البشريّة في تطرُّفها . حُفِظَ الرّماد , لوقت الحاجة , وُضِعَ عليه ماءاً حيّاً , ثمّ يُرَش على الشّخص النّجس أو الخيمة , إذا لم يكن الشّخص أو الخيمة طاهرين , فالمقدّس سيتنجّس . إنّ المياه الّتي تحتوي على الرّماد ترمز الى كلمة أو رسالة الصّليب . الّذي يرش كان, إنساناً طاهراً , وليس بالضّرورةكاهناً , وبعدها وجُبَ عليه غسل ملابسه والإستحمام . يصوّر الطّقس ما جاء في ( 1 يو 1 : 9 ) " إن إعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا .. ويطهّرنا .." .

4) التّطهير بالموسى

إستُعملَ مع الأبرص عند طُهرهِ من برصه لإزالة أيّ أثر للنّجاسة ( لا 14 : 5 – 9 ) , وكذلك مع النّذير عند فقدانه لنذره بنجاسة ( شمشون ) , وكذلك عند إنتذار اللاويين ( عدد 8 : 7 ) . إقتراح تطهير كامل عند الدّخول الى الخدمة . إنّ سؤال الرّب الفاحص لللقلب , لبطرس " أتحبّني أكثر من هؤلاء ؟ " هو الصّورة التطبيقيّة لهذا التّطهير بالعهد الجديد .

5) التّطهير بالسّكين

للأغصان ذات القدرة على الإثمار ( يو 15 : 2 ) . لقد كان غسل الأرجل خدمة عُهِدَ بها الى التّلاميذ , ولكن سكّين التّطهير بيد الآب . التّطهير , ليس بسبب الخطيّة , بل لأنتاج ثمر أكثر .

6) التّطهير بالنّار

( ملاخي 3 : 2 ) .الإمتحان بالنّار ( 1 بط 1 : 7 ؛ 4 : 12 ) وهذا راجع الى الإضطّهاد  الّذي  كان  قد  إبتدأ  فعلاً .في ( عب 12 : 3 –11 ) المرجع للتّنقية والبرهان على محبّة الآب . فإنّ الله يحاول بالنّار التّخلُّص من أيّ خبث فينا  .

لقد أظهرت الآلام الّتي مرّ بها أيّوب برّه الذّاتي . إسرائيل ,كالبيدر , سيتطهّر بالكامل بوقت الضّيقة العظيمة , الّتي باتت تلوح بالأفق .

7) معالجة أو تنقية المنائر

 ( خر 27 : 21 ) . على المنائر أن تكون نقيّة يوميّاً , إذا ما كان عليها أن تُعطي الضّوء والإنارة .