كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الغفران الكتابي

غفران الله لخطايانا

منذ جنّة عدن , والانسانيّة تحتاج الى الغفران من الله . إنّ موضوع الغفران غير مفهوم على نطاق واسع من غير المؤمنين , وكأتباع للرب يسوع المسيح , فنحن نحتاج كذلك الى تذكير ثابت لهذا الحق لانعاش فهمنا . على الرّغم من أن الكلمات : مغفرة وغفران  غير مذكورة في تك 3 ولكنّه ظاهر من النّص ان الزّوج الاول على الارض قد غُفِرَ لهم .

التّوبة هي المطلب الاساسي لمعرفة غفران الله

التوبة ضروريّة لاي شخص يريد أن يقبل غفران الله لخطاياه . يبدء الامر بالمجيء ليسوع المسيح وقبوله كمخلّص . قال الرب يسوع : " تعالوا اليّ " وكذلك " وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً  (رؤ22 :17 ) , وكلمته ما زالت هي : " تَعالوا " . إنّ الرّسالة ليست دعوة يسوع الى قلبك , كما يعلّم البعض , بل المطلوب من الاشخاص : " تَعالوا " للمسيح بالتّوبة والايمان .

لقد كان الرب يسوع الذي علّم :" «قَدْ كَمَلَ ٱلزَّمَانُ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ " (مر1 :15 )  , لقد كانت الرّسالة الرسولية نفس الرسالة . لقد أخبر بولس شيوخ أفسس بأنّه :" .. شَاهِداً لِلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى ٱللهِ وَٱلإِيمَانِ ٱلَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.  (اع20 :20 -21 ) .

إنّ التّوبة لا تعني تغييراً في نمط الحياة , بل بالحري هو تغير في الفكر . إنّ المعنى الحرفي للكلمة " توبة " تعني " غيّر فكرك أو فهمك " . يوجد هناك ثلاثة أوجه في هذا الحق :

يجب أن أعرف بأنّي على خطأ ( ذهنيّاً )

يجب أن أشعر بالغلط ( موضوع قلبي )

يجب أن أريد تغيير فكري أو فهمي .

نقول أحياناً أنّ أنّ التوبة هي : ذهنيّة , عاطفيّة وإراديّة . الاولى ليست بحاجة الى تفسير . الثّانية واضحة كما مكتوب : " لأَنَّ ٱلْحُزْنَ ٱلَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ ٱلْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتاً.  (2كو7 :10 )  " الحزن الذي بحسب مشيئة الله " . الثّالثة يمكن رؤيتها في مثل الابن الضّال عندما قال : " أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي .. فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ "  (لو15 :18 -20 ) .

لقد طلب يوحنّا المعمدان من الرجال الذين أتوا من أورشليم لسماع ما لديه ليقول , بأن " .. فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ ( ملائمة أو تُشير الى ) بِالتَّوْبَةِ " (مت3 :1 -20 ) , بكلمات أُخرى , التّوبة الكتابية تتطلّب برهان للتّغيير في الفكر أو الفهم لفعّاليّات الحياة .

الايمان هو أيضاً ضروري لغفران الله

دعنا الان ننظر الى الكلمة : " الايمان " . الايمان هو أخذ كلمة الله كحقيقة والعمل فيها بالطّاعة . لذلك , عندما يتوب الخاطيء ويضع ثقته بالرّب يسوع كالواحد الّذي مات من أجل خطاياه , فتغفر له .

كتب الرّسول يوحنّا يقول : " أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلأَوْلاَدُ لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ ٱلْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ ٱسْمِهِ.  (1يو2 :12 ) . الامر الاوّل الذي يجب أن يعرفه إبن الله هو " أنّ خطاياي مغفورة " . إنّ الكلمات " الاولاد ( الصّغار) " تعني أولئك الذين هم " جدد" أو " صغار " . الامر الوحيد الذي يجب أن يعرفوه ويقدّروه هو أنّهم قد حصلوا على الغفران الكامل ! دعنا نتأمّل بالكلمة " غُفِرَتْ " . فهي تترجم كلمة يونانيّة التي تعني " يُرْسِلْ" ( بشكل مصدر ) وهي كلمة مركّبة من كلمتين الثّانية تعني " بعيداً عن " . لقد قال يوحنّا " للاولاد الصّغار " أنّ خطاياهم قد " أُرْسِلَت بَعيداً عنهم " . مع الله فهي تعني أنّها لن تعود أَبَداً .

من أهم الفقرات بالعهد الجديد عن الموضوع موجوده في كولوسي 1 : 14  , " الَّذِي لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا " حيث الكلمة المترجمة " غفران " مذكورة سابقاً وتعني بأنّ خطايانا قد " أُبْعِدَتْ " . في 2 : 13 مكتوب : " .. مُسَامِحاً لَكُمْ بِجَمِيعِ ٱلْخَطَايَا " (كو2 :13 )  ان الكلمة " مسامحاً لكم " تترجم الكلمة اليونانيّة المشتقّة من الكلمة " نعمة " , ومن معانيها أَيْضاً " الفرح " . لإنّ لهذا الغفران ثلاث ملامح :

إنّه إحسان يمنح لغير المستحقّين .

إنّه دائماً يعطى " بفيض " , أي أن هناك الكثير منه , عندما يأتي من الرّب : " وَأَمَّا ٱلنَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ ٱلْخَطِيَّةُ. وَلَكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱزْدَادَتِ ٱلنِّعْمَةُ جِدّاً " (رو5 :20 ) .

لا يوجد هناك أي متطلّبات في الرّجوع لما قد مُنِحَ , " وَلَكِنَّ ٱلَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ ٱلْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَٱلْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ ٱلْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ ٱللهِ ٱلْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ.  (عب2 :9 )

في عب 2 : 9 وكذلك في كو 3 : 13 : " مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ٱنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى ٱحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ ٱلْمَسِيحُ هَكَذَا ٱنْتُمْ ٱيْضاً.  (كو3 :13 )   . الغفران حرفيّاً يعني بأنّ الله أنعم علينا ( بإزالة) خطايانا . إنّنا لا نستحق الغفران , لذلك فإنّ غفرانه من محض نعمته والتي تستبعد أي نوع من الاستحقاق .

صور للغفران في العهد القديم

 يعطينا العهد القديم بعض الصّور الجميلة لغفران الله . يخبرنا المزمِّر " أن يُغْفَر لنا " يعني بأنّ الله :" كَبُعْدِ \لْمَشْرِقِ مِنَ \لْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا " . إذا وضع الطيّار بوصلته ليطير مباشرة للغرب , فإنّه لن يصل الى هناك أبداً . دُرْ حول العالم , فإنّك لن تصل أبداً " الى الغرب " . والعكس هو صحيح بالنسبة للشّمال والجنوب بكونها أماكن ثابتة . إذاً ماذا يقوله الله في هذا العدد ؟

إنّ خطايانا قد إُبْعِدَتْ الى الابد ! يميط إشعياء اللثام بأن الله :" ... فَإِنَّكَ طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ " (إش38 :17 ) ,  وأنّه هو ".. ٱلْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا.  (إش43 :25 ) , " إنّه لا يذكر خطايانا " لا يصف ضعفاً من جهّة الله , وهو لا يتألّم من النِّسْيان . هذا يعني أنّه محى _ بتروّي خطايانا من ذاكرته وهو لن يحضرهم لنا ثانيةً أمامه . يا له من منعم عظيم !

يقول الرب في إشعياء : " قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. ٱرْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ "  (إش44 :22 ) أي أن الله محى ذنوبنا " كسحابة " . إنّ السّحاب يختفي بسرعة عند أوّل تغيير في الطقس . هذا ما يحدث مع خطايانا عندما يغفرها لنا الله ! يكتب النبي ميخا بأنّ الله سوف : " يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ ٱلْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ " (مي7 :19 )  , لا يمكن رؤيتها , إيجادها أو تصيّدها مرّة أُخرى .

يا له من حق عظيم وعميق هو غفران الله !

العيش بدون غفران غير مقبول

إنّه لامر مقلق وضع المؤمنين اليوم في تعاملهم مع العديد من الصّراعات غير المحلولة بين شعب الرّب . إنّ الرّب لا يُكرَم والقدِّيسين متفرّقين ومنفصلين واحد عن الاخر . أحياناً يتصرّفون وكأنّهم ليسوا أتباع الرب يسوع المسيح . إنّ هذه شكوى فظيعة ضد شعب الرّب في مسيرتنا مع الرب . ماذا يمكن فعله ؟ الاخبار السّارة أن المشكلة ممكن حلّها بإتّباع الرب وكلمته المقدّسة . الاخبار السيّئة أن الكثير من المشاكل ستستمر بدون حل بسبب عدم الطّاعة . يجب أن نتذكّر أن الله اعطانا  كلمته الكاملة والمقدّسة . يا لها من حكمة وبركة أن الله أعطانا كلمته لبنياننا ! الحاجة هي في طاعتنا لارشاداته الالهيّة عن إصلاح شركتنا معه ومع بعضنا البعض .

الروح القدس هو مفتاح لعمل الغفران

على ضوء هذه الامور , سيكون حسناً لو قرأ كل احد منّا صلاة داود : " اخْتَبِرْنِي يَا \للهُ وَ\عْرِفْ قَلْبِي. \مْتَحِنِّي وَ\عْرِفْ أَفْكَارِي...وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَ\هْدِنِي طَرِيقاً أَبَدِيّاً " ( مز 139 : 23 , 24 ) . إذا شئنا في فحص قلوبنا , فان الرب بالتّأكيد سيلفت إنتباهنا الى تلك الامور الضرورية للمحاولة لحل الصراعات المستمرّة .

" فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ ٱلْمَذْبَحِ وَٱذْهَبْ أَوَّلاً ٱصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.  (مت5 :23 -24 ) وأيضاً : " «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ ٱثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ٱلْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَٱلْعَشَّارِ.  (مت18  :15 -17 ) إنّها تعليمات ضرورية ولازمة يجب العمل بها , إذا أردنا إرضائه .

لنتأمّل في مثل أخطأ بها أحد الاخوة " زيد " ضد أخيه " عمر " . من أجل حل هذا الاشكال , من الضروري للاخ زيد أن يترك أي قربان أو خدمة يود تقديمها للرب أمام المذبح , أو أي مكان أراد فيه بداية ممارسته الروحيّة . أوّلاً , يجب أن يتصالح مع أخيه " عمر " , وعندها فقط يستطيع تقديم قربانه للرب . من جهّة أُخرى , على الاخ عمر مسؤولية متبادلة عظيمة . يجب أن يذهب أوّلاً بمفرده الى الاخ "زيد " ويخبره بذنبه . يشدد المثل على هذا الامر : " اَلتَّوْبِيخُ ٱلظَّاهِرُ خَيْرٌ مِنَ ٱلْحُبِّ ٱلْمُسْتَتِرِ. أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ ٱلْمُحِبِّ وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ ٱلْعَدُوِّ.  (ام27 :5 -6 ) . إنّ هذه المسؤوليّات مناقضة للطبع البشري . إنّ الجسد غير جاهز على الاطلاق أن ينحني أمام سلطة الله وكلمته . ولكن هذا ضروري أن نفعله إذا أردنا إرضاء الله وجني الفوائد من العلاقات العميقة والمرضية أحدنا مع الاخر . إذا طاع كل من زيدٍ وعمرَ لكلمات الرب يسوع , فإنّهما لا بد أن يلتقيا في وسط الطّريق بينهما .

قال أحدهم أنّ أصعب جملة  للتفوّه بها هي " أنا غلطان " . عندما نكون حسّاسين لخدمة الروح , والتي هي أوّل فعّاليّاته لتوبيخ ضمائرنا , فإنّه لن يكون الامر بتلك الصّعوبة . إنّه سوف يقودنا للتوبة عندما نكون غلطانين أو غلطنا بحق أحدهم : " أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ ٱللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ ؟  " (رو2 :4 ) إنّ لطف الله لا بد أن يقودنا للتوبة . " لأَنَّ ٱلْحُزْنَ ٱلَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ ٱلْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتاً" (2كو7 :10 ) وأيضاً حزن الله سينشئ توبة في حياتنا.

ولكن ماذا يعني الغفران حقّاً ؟

 لقد تكلّمنا باختصار عن بعض بعض اوجه هذا الموضوع بدون التأمّل في الكلمة نفسها " الغفران " . الغفران لاحد قد أخطأ نحونا يلزمنا رؤية توبته .قال ربّنا يسوع : " اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ " (لو17 :3 )  . إنّ الشّرط للغفران هو التّوبة , لا أقل ولا أكثر . إن الكلمة " توبة " هي ترجمة لكلمة في اللغة الاصلية معناها الاساسي يعني " تغيير الفكر " . ذهنيّاً , يجب أن نعرف أنّ هناك أمراً غلط وإلا فلن نغيّر فكرنا أبداً . عاطفيّاً , يجب أن نشعر أنّ هناك شيء غلط . الرسول قالها بوضوح عندما قال أنّ الحزن الالهي " ينشئ توبةً " . أخيراً , يجب إشراك إرادتنا في الامر .يجب أن تكون مشيئتنا أن نغيّر فكرنا . عندما نتوب مرّة بعمل كامل , الاعتراف بالغلط يصبح أهون . في تلك النقطة , فإنّ الشخص الذي أُخْطِئَ تجاهَهُ يستطيع أن يغفر بحريّة للمخطئ ويشعر بالأمان بفعله ذلك . إنّه يشعر بندامة الذي أذاه  ويستطيع عندها أن يغفر . الغفران يعني أنهاء الموضوع بشكل نهائي وكامل . إنّ الكلمة المترجمة " اغفر " في الفقرة المقتبسة أعلاه , تعني " يرسل بعيداً عنه " , وإذا أُرْسِلَت بعيداً , يجب عدم ذكرها ثانيةً  . إنّ عملاً شرّيراً من جهّتنا القول أننا غفرنا لاحد أغلاطه وتذكيره فيها مرّة أخرى .

 إنّنا نجد كلمة أخرى في اللغة الاصلية تستعمل للإشارة للغفران . أوضح الرسول بولس ذلك قائلاً :" مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ٱنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى ٱحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ ٱلْمَسِيحُ هَكَذَا ٱنْتُمْ ٱيْضاً "  (كو3 :13 ) إنّ الكلمة " غفران " المترجمة هنا هي نفسها , في شكلها الاساسي , تشير الى " النعمة " بمعظم الاماكن . يجب أن ننعم أحدنا الاخر . في العدد السابق نرى أيضاً الاحتمال كمسؤوليّتنا . إحتمال أحدنا الاخر يعني أن نتحمّل أحدنا الاخر . إن الكلمة المترجمة " إحتمال " مستعملة في اللغة الاصلية 15 مرة وتحمل في طيّاتها التّعامل بمحبة أحدنا مع الاخر . يا لها من حكمة لربنا أن يضع هذين الحقّين سويّةً : الاحتمال والغفران .

المسؤولية النهائية للغفران هي علينا نحن

إنّ كلمة التّحذير النهائية نجدها عندما قال الرب يسوع " وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ " (مت6 :15 ) . لكي يسمح لنا الله فعل ذلك , تحتاج قلوبنا للتزوّد بالذّبيحة التقية والالام التي سار فيها الرب يسوع لكي يتمكّن من الغفران لنا . لذلك , ولكي نتمكّن من التزوّد بوفرة , أنظر إليه في الجلجثة , عندها لا بد ان نجدها أكثر سهولة أن نسامح أحدنا الاخر . إن مسامحتنا بعضنا لبعض تتلطّف بتلك الكلمات الجميلة في أف 4 : 32 , حيث يقول بولس : " وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ ٱللهُ أَيْضاً فِي ٱلْمَسِيحِ " (أف4 :32 ) . إن نوع المحبة التي أوصانا بها الرب أحدنا نحو الاخر  ولا شيء أقل من ذلك . ليساعدنا الرب دائماً لنكون مستعدين لمسامحة الاخرين . ومع ذلك , إذا أحد المخطئين رفض أن يتجاوب , لا نستطيع أن نقدّم له غفراننا . إنّ هذا سيعيق شفائه ولن يكون لصالحه .لذلك , دعنا أن نكون دائماً مستعدّين مسامحة بعضنا لاجل خاطر ربنا يسوع . إنّ على الغفران أن يكون متوفر دائماً كإمكانيّة حتى وإن لم تظهر التوبة كوشيكة الظّهور .