كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



الرجوع

في هذ الأيّام الّتي تتميّز " بالإعتراف السّهل " , فمن الممكن أن يرتبط بفعّاليّات الكنيسة المحليَّة مؤمنون لا يمتلكون إختبار المسيح الشّخصي في الرُّجوع . والسّبب الّذي يؤدّي لمثل ذلك الشّك , وبقلق بالغ , حقيقة وجود بعض المسيحيين المعترفين , وحياتهم تُظهِر برهاناً قليلاً على الطّاعة للمسيح وكلمته . تحدّى بولس قائلا : " جرِّبوا أنفسكم هل أنتم في الإيمان ؟ " من الضّروري أن يقرع اليوم أيضاً على ضمائرنا مرّة أخرى , وإظهار دليل عملي على الرّجوع (2 كو 13 : 5 ) . إنّها لممارسة صحيَّة لنا جميعاً التّأمُّل برجوعنا . قد لا يتمكّن البعض من تذكُّر اليوم والسّاعة , ولكنّهم يتذكّرون بوضوح الأُمور الّتي قادتهم الى الرب . إنّ مجرّد تذكُّرها يسبب لنا تعظيم إنسكاب نعمة الله وللإدراك مجدّداً لمدى بؤسنا وعدم جدارتنا . لذلك هناك شكر لله وحفظ من الإفتخار ( 1 تيم 1 : 12 – 16 ) . قد يكون العديد من الأمور المربكة , أمّا هذا بالذّات فعلينا أن نكون على يقين منه . لنشهد مع أحدهم بثقة " إِنَّمَا أَعْلَمُ شَيْئاً وَاحِداً: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَ\لآنَ أُبْصِرُ " ( يو 9 : 25 ) .

يُعيد الكتاب ذكر الرُّجوع مرّة تلو الأخرى . يُصلِّي المزمّر : " رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ \عْضُدْنِي " ( مز 51 : 12 ) .عندما حذّر بولس أهل كورنثس من الزُّناة , السّارقين , الفاسقين , السِكِّيرين أضاف لذلك : " وهكذا كان أُناس منكم " ( 1 كو 6 : 11 ) . ومرّة أُخرى , لأهل أفسس , مذكّراً إيّاهم بحياتهم قبل التّجديد " .. فِي ذَلِكَ \لْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ ...وَغُرَبَاءَ ...لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلَهٍ فِي \لْعَالَمِ " ( أف 2 : 12 ) لقد إغتسل أهل كورنثس وتبرّروا أمّا أهل أفسس فقد إقتربوا الى الرّب . متى تمّ ذلك ؟ عند رجوعهم !

المعنى

معنى كلمة رجوع هو " الإستدارة حول " لمواجهة الإتّجاه المُعاكس . لقد إستُعْمِلَت في الآية " وَكَيْفَ رَجَعْتُمْ إِلَى \للهِ مِنَ \لأَوْثَانِ " ( 1 تس 1 : 9 ) وأيضاً " كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ \لشَّيْطَانِ إِلَى \للهِ" ( أع 26 : 18 )

إنّ دلالاتها الرُّوحيّة ظاهرة من هذه الآيات . لذلك , في رجوعنا , نحن الّذين كنّا مستعبدين للأوثان إستدرنا نحو الله الحي ؛ نحن الّذين كنّا في الظُّلمة , إستدرنا نحوالنُّور ؛ نحن الّذين كنّا تحت سلطة الشّيطان , إستدرنا نحو المسيح . بكلمات المزمّر نفسه " تَفَكَّرْتُ فِي طُرُقِي وَرَدَدْتُ قَدَمَيَّ إِلَى شَهَادَاتِكَ " ( مز 119 : 59 ) .

الحاجة

الحاجة للرُّجوع هي أساسيّة . حالة الإنسان تتطلّب هذا . لاحظ مرّة أُخرى الأُمور الثّلاثة الّتي يجب أن نرجع عنها : الأوثان الظُّلمة وسلطة إبليس . يا لها من صورة

لحالة مرعبة !

الأوثان

هناك الكثير ليسوا وثنيّين بالمعنى الحرفي للكلمة , ولكن هم كذلك بالمبدأ . الوثن هو أيُّ شيءٍ يملأُ المكان المخصّص لله في قلب الإنسان وأحشائه . حتّى الرّغبة بإمتلاك أشياء دون إحضار الله لأفكارنا , يتكلّم عنه بكونه طمعاً " الّذي هو عبادة أوثان " ( كو 3 : 5 ) . إنّ تعدّد الأشياء – المال , المكانة , الّتي تحتل قلوب النّاس تدفعهم لإستبعاد الله والّتي قال فيها الرب يسوع " لا تستطيع أن تخدم الله والمال " ( مت 6 : 24 ) . إنّ خدمة المال تعني التَّورُّط بعبادة الأوثان كم من النّاس يعبدون الفضّة والذَّهب ! الكثيرون في هذا الجّيل يعبدون الّلذة . الرّياضة , التّسالي , الموسيقا , القمار , وحتّى الفن الرَّفيع والحضارة , تملئ قلوب آلاف الّذين " .. محبِّين للذّات دون محبّة الله " ( 2 تيم 3 : 4 ) . هذه بعض أوثان الحياة الّتي تتطلّب إخلاصاً تامّاً ! مِنْ مثْلِ هذا الإفتتان حذّر الرّسول المؤمنين قائلاً : " إحفظوا أنفسكم من الأوثان " .

الظّلام

مستوى أخلاق الإنسان بدون الله , متدنّي بالضّرورة . يستنتج بولس , وبسبب الوثنيّة , بأًنْ " أظلم قلبهم الغبي " ( رو 1 : 42 ) , فعندما يُستبْدَل الله , الّذي هو نور , بالأوثان في قلب الإنسان , فالظُّلمة لا بد أن تتبع ذلك . ما زالت حالة الإنسان الأخلاقيّة في الظُّلمةِ , على الرّغم من مجيء النُّور الى العالم بشخص الرّب يسوع المسيح . فضّل البشر الظُّلمة على النُّور ( يو 3 : 19 ) .لقد ظهر عماهم الأخلاقي في الحقيقة , بمهاجمة مباديء الأخلاق المسيحيّة – والّتي رفعت من مستوى مواصفات الحياة في كل مكان إِعْتُبِرَتْ فيه – بلا رحمة , وتمّ تبرير اللا أخلاقيّة . إنّ كلمات أشعياء وثيقة الصّلة لأيّامنا بصورة دقيقة " وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْراً وَلِلْخَيْرِ شَرّاً \لْجَاعِلِينَ \لظَّلاَمَ نُوراً وَ\لنُّورَ ظَلاَماً \لْجَاعِلِينَ \لْمُرَّ حُلْواً وَ\لْحُلْوَ مُرّا "( إش 5 : 20 ) . العلم والإزدهار المادِّي هما قمّة رجاء البشر , والّذين ما يزالون يتخبَّطون بظلمة أخلاقيَّة , ولا يستطيعون قبول الحق الأخلاقي . التّعليلات أُفْسِدَتْ والضّمائر تبلّدت , وما زال مطلوباً شعاعاً من النُّور الإلهيْ , بالرّجوع , لإبعاد ظلام الخطيَّة من النّفس .

الشَّيْطان

وراء كل ما سبق تختبئ قوى الشّيْطان المشؤومة , والّذي في يديه قد وُضِعَ العالم ( 1 يو 5 : 19 ) . هو وأجناده الرُّوحِيّين " ... ولاة العالمن على الظُّلْمَةِ .." ( إف 6 : 12 ) , الرّجال والنّساء غير المتجدّدين يسيرون " .. حَسَبَ دَهْرِ هَذَا \لْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ \لْهَوَاءِ، \لرُّوحِ \لَّذِي يَعْمَلُ \لآنَ فِي أَبْنَاءِ \لْمَعْصِيَةِ " ( أف 2 : 2 ) قال الرّب يسوع يوماً لليهود " أنتم من ابٍ وهو إبليس " ( يو 8 : 44 ) .لا يستطيع أيُّ إنسانٍ أن يفلت من قبضته , بمعزل عن المسيح , يبقى البشر تحت سلطانه ( عب 2 : 15 ) . يا لها من حالة مرعبةٍ – إنغماس في الوثنيّة , إبتلاع في الظُّلمةِ , ممسوك بقبضة إبليس . لا يستطيع أيُّ طقس ديني , أو إصلاح أخلاقي , ولا تصميم متغطرس , ولا لهاث وراء الحضارة , أن يحرِّرَ من وضع يائس كهذا . يجب الرّجوع الى الله من الأوثان , من الظُّلمة الى النُّور , من الشَّيطان الى المسيح الرّجوع هو ضرورة قصوى , إنّه الحل الوحيد لهذا الوضع .

الإختبار

قد يسأل البعض : كيف يؤثّر الرُّجوع علينا ؟

لقد بائت محاولات علماء النّفس بالفشل لتفسيره منطقيّاً .

أوّلاً , الرُّجوع هو من خلال كلمة الله , تلك الكلمة الحيَّة , الموحاة , إعلان الله , لأنّ " ناموس الرّب كامل يردّ النّفس .. " ( مز 19 : 17 ) . يتميّز العالم بالنَّقص والضُّعف ولكن كلمة الله كاملة وقويّة , والّذي يؤمن بها سترجعه بثبات لله " وأمّا كلمة الرّب فتثبت الى الأبد " ( 1 بط 1 : 25 ) .

ثانياً , هناك حاجة الى التّواضع , وترك الإدّعاء , وتجنُّب الحكمة العالميّة , والرّجوع لكي نكون كأطفال صغار ( مت 18 : 3 ) .

ثالثاً , وباُعْتبار خطايانا , يجب أن نتوب ونرجع كما صرّح بطرُس في ( أع 3 : 19 ) عندما تُسْمَع كلمة الله , ويُؤْمَن بها بتواضع وتوبة من أعماق القلب , يعتبر هذا كتحضير للرّجوع .إتّخاذ قراراً حاسماً بالتَّصميم على التّوبة والإيمان , هو السّبيل للرّجوع الى الله . الرّجوع يحضّر النّفس لإختبار نفسي مع الله , والّذي يصبح هو المرساة الكبرى للنَّفْسِ . فبالرّغم من نشوء الشُّكوك وهجومات إبليس , يبقى هذا الإختبار صادق وثابت لا يمكن زعزعته .

في الرّجوع من الأوثان نجد الله الحقيقي والحي الى الأبد . إنّه إقرار صحيح ذاك الّذي سمعناه . يا له من إكتشاف مجيد لله , عندما ترجع النّفس إليه ! إنّ نفس رب المجد الّذي ظهر لإبراهيم ( أع 7 : 2 ) , خالق الأكوان العظيم و أصبح الآن لأوّل مرّة حقيقة عظيمة للنّفس الرّاجعة  الى الله . إنّنا نرجع من الظُّلمة , والله الّذي أمر أن يُشرق من الظُّلمة , يشرق في قلوبنا ( 2 كو 4 : 6 ) . تنفتح أعين النّفس العمياء وتمتلئ بالنّور بحيث نستطيع القول " النّور حلوٌ وخيرٌ للعينينِ أن تنظُرا الشَّمْسَ " ( جا 11 : 7 ) , أيضاً نرجعُ عن الشّيطان , هاربين من قبضته الى يدي إبن الله , حتىّ نتحرّر الى الأبد ( يو 8 :36 ) . ما زال البشر حتّى الآن يرجعون , كمحرّرين من أسْرِهِ بيد المسيح العظيمة , كي لا نرجع الى قبضته للأبد . أخيراً , في الرُّجوع نرجع لنجد الله الحي , الذي يمنح حياة للنّفوس الميّتة , نور للنُّفوس المظلمة , والحرّيّة للنّفوس الأسيرة .

هل هذا هو إختبارنا ؟ أم هناك وثن متربّع على عرش نفوسنا , والمسيح ما زال في الخارج ؟ هل نتلمّس طريقنا , بغير ثقة , في الظُّلمة الأخلاقيّة لهذا العالم ؟ بينما الحاجة الى رؤية إلهيّة ؟ أما زال الشّيطان هو سلطان نفوسنا الحقيقي , أم قد تحرّرْنا بواسطة إبن الله ؟ فكّر بهذا السُّؤال العميق .لا يوجد هنا أمر أهم من هذه المواضيع الأبديّة " .. إن لم ترجعوا .. لن تدخلوا ملكوت السّموات " ( مت 18 : 3 ) . إنّ الرُّجوع لأولئك الرّاجعين لله بالتّحديد , يضعهم على عتبة الحياة الرّوحيَّة , مشيراً الى بداية إختبار مع الله . على الرّغم من ملائمتنا حالاً للسّماء , فإنّنا ملائمين أيضاً للأرض , للسّير مع الله , عبادته , والشّهادة له . الحياة الإلهيّة , النّور والحرّيَّة كلّها لنا والله يريد لها أن تنمو وتظهر فينا الآن .

يا لها من قوّة كامنة في ذلك الرّاجع حديثاً , لما له من الفرص والإمكانيّات ! وأيُّ خسارة لا يعبّر عنها , إذا ما تمّ تجاهل هذه الأمور . دعنا نتذكّر , عند ذكر رجوعنا " إنّنا نملك حياة واحدة فقط والّتي سوف تمرّ سريعاً , وفقط ما نفعله للمسيح سوف يبقى " .