كنيسة بيت ايل المحلية - حيفا



كنيسة إنطاكيا

لقد كان موت إستفانس نقطة تحوّل كبرى في إعلان الإنجيل ونشر المسيحيّة كما هو مدوّن في أعمال الرّسل . يفتتح الإصحاح الثّامن في أورشليم بإصرار شاؤول بدعم وبكونه فعّال بموت الشّهيد المسيحي الأوّل . لقد وقع المؤمنون آنذاك تحت ضغط عظيم من الإضطهاد والضّيق المتنامي . لقد كان هناك تذمّر في الدّاخل – ولكن تم حل ذلك الإشكال بصورة ترضي الجّميع . لقد تعاظمت كلمة الله وتضاعف عدد التّلاميذ وبينهم الكثير من الكهنة . لقد تم إعتقال إستفانس بكونه مبشّراً بإسم يسوع , فتم إيجاد شهود زور والشعب يأتي ليدينه .
إن النّقاط التي أثارها الشعب هي التّهديد المزعوم للمكان المقدّس , الناموس والعادات المسلّمة لموسى . أشار إستفانس بدفاعه الى خطط ومقاصد الله بكل وضوح . لقد أشرق وجهه كوجه ملاك من خلال قوة الروح القدس تأنّب سامعيه حتى أعماق القلب حتى أنهم أرشقوه بالحجارة حتى الموت . لقد كان هذا الحدث مأساه كبيرة للمؤمنين . فإن الأسوء مازال ينتظر المؤمنين !! قام التّلاميذ بدفن إستفانس . في هذا الجناز – وهو ما زال نموذجاً نتعلم منه عن كيفية عمل الجناز المسيحي – قام رجال اتقياء بحمله الى مثواه الأخير . إن في حمل النعش هناك إحساس بتطابق وحدة الحال والمحبّة والتي غالباً مل لا نراه اليوم في الجنائز , وهكذا تمّ الدّفن . يكثر اليوم في الدول الغربية ( المسيحية ) إحراق الجثث ( وإن كان لعدّة أسباب ) . أن يدفن المؤمنون أمواتهم هو أمراً كتابيّاً , ليس فقط لأن المسيح قد دفن , بل ان كل الموضوع هو متطابق مع العقائد الأساسيّة للكتاب . بعد هذا حالاً , شنّ شاؤول حرباً على الكنيسة : يدخل الى البيوت ويقتحم الحرمات , يقود النّاس الى السّجن مما دفع بالكثيرين الى الهرب لاماكن أكثر أمناً . لقد كانت فعلاً أيام مظلمة في أورشليم لعمل المسيح هناك . لقد أنتج هذا الإضطهاد عدّه أمور ومن بينها تأسيس كنيسة أنطاكيا . دعونا نتذكّر دائماَ أنّه من أعظم الأمور الصّعبة التي نمر فيها قد تنتج أكثر الأمور بركة لحياتنا !! يجب علينا دائماً أن نثق بالله في اوقات الضّيق , الإضطهاد والصّعوبات " أَمَّا ٱلَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ ٱلضِّيقِ ٱلَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ إِسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَداً بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ ٱلْيَهُودَ فَقَطْ "(اع11 :19 ) حيث نرى المؤمنين قد تشتّتوا الى خارج أرض إسرائيل الى جميع الجهات دون تمييز . يخبرنا الكتاب كيف كانوا " يجتازون " وليس كما إتّفق بل بإرشاد روح الله . لقد عرف كل واحد منهم لوجهة تغرّبه وفعل ذلك بفرح , مدركاَ بالقوة النّابعة من طاعة القيادة الإلهيّة . كم يجب أن نكون شاكرين أننا محفوظين بين يديه واننا منقادين في مناطق ذات قوة عظيمة لأجله ولأجلنا , على الرغم من المشاكل التي يسببها هذا التنقّل . فقد إنتقل البعض الى فينيقيا واستقرّ هناك وآخرين أبحروا بالسفن حتى قبرص والبعض وصلوا برحلتهم حتى إنطاكيا .
تقع إنطاكيا على بعد 23 كم عن منابع نهر الأورنتس . لقد كانت المدينة الثّالثة من ناحية الحجم بعد روما والإسكندرية ةاشتهرت بسباق العربات والعبادة اللا-أخلاقية للإله أبولو . أسطورته تبدأ من دفنه حيث كانت يعاد ممارسته يوميّاً على يد الكاهنات وزوار المدينة . في مثل هذا المكان حيث الجمال والهدؤ – الطبيعه وخطية الشهوة تلتقيان , تأسست الكنيسة الأممية الأولى كتجاوب لرسالة التبشير بالإنجيل . لقد إستقر المؤمنون – اللاجؤون في مكان جديد وأخذوا يتكلمون بحرية عن المسيح لليهود . ولكن هناك من إتّخذ خطوات جريئة وأخذ يشارك الأخبار السارة مع الأمم أيضاً . لقد بشروا لليهود بالكلمة أما للأمم فبيسوع المسيح كرب الكل ( مع أن الكلمة والرب يسوع هما نفس موضوع التبشير ) . لقد قدم يسوع المسيح بكونه رب الكل لذلك ولذا عند رجوع الرجال ( والنّساء ) إليه فإن حياتهم كانت تتغيّر . يشبه هذا بعض الشيء عند إستلام عمل جديد , فنحن ننتقل لمكان جديد , مسؤوليات جديدة وإعطاء الحساب لرئيس عمل جديد واستثمار جل مقدراتنا في توسيع عمله . كم هو مبارك – بل وأعظم من هذا – أن تكون عاملاَ لدى السيد السّماوي وأن تعطيه ليس فقط نفسك بل أيضاً كل حياتك . لذلك ففي عمل الإنجيل اليوم , يجب أن نبشّر بيسوع المسيح وإيّاه مصلوباً , مقاماً من الموات ورب على حياة النّاس . إنه لا يريدنا فقط أن نؤمن بل أن نعطيه المكان الصّحيح وأن نصبح تلاميذ أيضاً ( يدّعي البعض بعدم تعليم هذا الحق للمؤمنين الجدد ) . إن الكتاب يوصينا أن نعلم الخطاة هذا الحق حتى يدركوا نتائج إيمانهم قبل أن يؤمنوا بالمسيح وذلك بكون الايمان ليس أمراً " آخر " زيد على حياتهم بل هو طريقة حياة بديلة . يحاول البعض اليوم التّبشير بالانجيل الإجتماعي ولكن هذا ينتج متجدّدين إجتماعيّاً . إن الطريقة الوحيدة للتّبشير هي إعلان يسوع كجواب لذنب الإنسان الشّخصي وكالسيّد على حياتهم . لذلك نرى كيف أن يد الرب كانت معهم بقوة في إنطاكيا ! إن يد الرب – كذراعه – تشير لقوة الله الفعّاله . بدون ذلك نبشّر بالقوّة البشريّة . ولكن مع يد الرب فنحن نضمن النّجاح . لذلك ليس من المفاجئ أن نقرأ عن أعداد كبيرة تؤمن – يؤمنون بالكلمة ويرجعون للرب . لم يكن هؤلاء مجرّد مؤمنين بل تلاميذ ذوي قوّة كامنة عظيمة , لكونهم قد وهبوا انفسهم للرب بالكامل . هذه كلها دروس واضحة جدّاً لنا اليوم . يجب أن نضع يسوع المسيح بمركز الإنجيل . يجب أن تشرح كلماته ويعطى المكان الصّحيح في العمل – عندها سوف تخلص النّفوس !!
من الممتع ملاحظته أن أسماء المبشرين والرواد لم تسجل في سفر أعمال الرسل . عادة ما نشعر اليوم أن الحاجة , عندما نريد عمل إنجيلي عظيم , هو الى مبشّر معروف وكبير وصاحب مواهب فذّه ! ومن المفضّل أن يكون من بلد أو حتّى دولة أخرى ( وأن يتكلّم اللهجة المصريّة ! ) ويكون التبشير هو شغله الشّاغل ! لقد كان الجميع في إنطاكية مبشؤين وملتزمين بلإيصال الإنجيل والمسيح للجميع ولك يكن التركيز على مبشّر بعينه . لقد إبتدأ العمل في إنطاكية بصورة جيّده , في إحدى أكثر المدن الملوّثة بالخطيّة في تلك الأيام . لقد بشروا بالرب ويد الرب معهم للخير . وهكذا رجع الكثيرون للرب . يا ليت نعي نحن حسنات هذا التوجّه برسالة مثل تلك ونشارك بنجاح مشابه متذكّرين دوماً أن الرب يسوع المسيح هو أساس الجماعة وأساس أي عمل إنجيلي في ذهابنا وراء الخطاة دعونا لا نتردد في الذّهاب وراء أعظمهم سوءاً !!
أخذت أخبار هذه الكنيسة اليافعة تنتشر بكل مكان , وسمع عن الشعب الغفير الذي آمن بيسوع ورجعوا الى الرب . لقد كانت كنيسة أورشليم هي مقر رسل المسيح , وكان هذا أمراً غير إعتياديّاً إفتتاح الإنجيل بصورة عمليّة للأمم جميعاً وأخذ الرب يضم الى كنيسته أمماً كانوا قبلاً مرفوضين وبلا رجاء أو أمل بالخلاص ! لم يكن أمرً سهلاً على الاطلاق – بسبب وجود يهود مؤمنين في الكنيسة من خلفية فريسيّة ( وكانوا هم الأكثرية ودارسي الكلمة بتعمّق ) , فأخذوا بالرأي ضرورة إلاسال أحد المتقدّمين حتى يستفسر هذا المر ويفحص الموضوع ( وليس بكون أورشليم هي كنيسة الأم بل لكون الرسل ذوي سلطة على كنيسة الله كانوا متواجدين هناك ) . لقد ارسلوا إنساناً مملوءاً من الروح القدس والإيمان ومشهوداً له بالمحبّة والأمانه والإستعداد للتضحية . يذكر الكتاب أنه عند حضوره رأى " نعمة الله " . كيف يمكن رؤية نعمة الله ؟
عندما ترى إنساناً كان مقيّداً لسبع وعشرين سنه بالمخدّرات ومهما كان يعمل كان من خلال المخدّرات , وخسر كل شيء : عائلته , عمله وأخذ يعيش في المتنزّهات العامّة , لم يختبر في حياته الا القسوة والرفض والإحتقار , ولا يشعر بأي قيمة في نفسه .. يقف في الكنيسة ويشهد عن تحرير الرب يسوع المسيح له الى التّمام , وأنّه محبوب في المسيح وأصبح يحب الآخرين ويرجو أن يعرف الجميع هذا الرب , ويراه الجميع : لابساً عاقلاً وجالساً عند رجلي يسوع متعلّماً منه !!
هذا هو عمل نعمة الله التي رآها أبولّس !! وأنتم قد رأيتموها بعيونكم أيضاً !!